كل صيف، تعرف مدينة سكيكدة
إقبالا كبيرا للسيّاح، فهي المدينة التي تجمع بين خضرة الغابات وزرقة البحر، وتدهش
زوّارها بإغفاءة على شاطيء البحر الأبيض المتوسّط.
ليس هذا فحسب، فسكيكدة إلى
اليوم شامخة بمعالم تاريخية رائعة، تعكس طابع الحياة وتفاصيلها، وتحكي يوميات من
مرّوا على المدينة، وتركوا فيها بصمتهم وذكراهم.
من بين هذه المعالم، نجد النّزل
البلدي ومحطة القطار،دار البريد والبنك المركزي، إلى جانب قصر "مريم
عزة"، هذا الأخير يعدّ أيقونة معالم سكيكدة، لما يختص به من جمال معمّاري
فريد، يجعله فخر مدينة سكيكدة وأهلها، الذين يسمّونه أيضا: قصر "بن قانة".
وترجع هذه التسمية وفق مصادر
تاريخية إلى ظروف ومراحل بناء القصر، حيث تم ذلك تحت إشراف المعماريّ الفرنسي
"شارل مونتالو" سنة 1930م، ليكون مقر إقامة رئيس بلدية
سكيكدة، "بول كيتولي" في ذلك الوقت، وتفيد الروايات والقصص المتواترة عن
القصر بأنّ "بول كيتوني" بنى القصر ليقدمّه هدية لزوجته "مريم عزة"
حيث صارت تستقبل ضيوفها المهمّين النافذين، بعد ذلك، امتلك القصرَ شخص ثانٍ يدعى
"بن قانة" وهو احد أثرياء ولاية بسكرة، الذي اشترى القصر بمبلغ يعادل
عشرين مليون فرنك فرنسي (حوالي ثلاثة ملايين أورو) ليكون مقر راحته واستجمامه رفقة
عائلته وأصدقائه.
يتميّز قصر بن قانة، أو قصر
"مريم عزة" بتوسطّه لمنطقة غابية بأعالي مدينة سكيكدة، تطلّ على شاطئ
"سطورة"، ويجمع القصر في هندسته بين الزخرفة العربية والأندلسية، أما
محيط القصر فيتميّز بلمسة هندسية مغاربية، ما جعله تحفة فنية بحقّ.
وقد استخدم في إنجاز قصر مريم
عزة نوعٌ نادر من الخزف، يرجّح أن مصدره أحد أفران المصانع الحرفية في مدينة نابل
التونسية، وهو ذات الخرف المستعمل في محطة القطار وفندق المدينة بسكيكدة، وفندق
"سان جورج" بالعاصمة الجزائرية (فندق الجزائر حاليا)، وكذلك بعض مباني
الحكومة في الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية مثل محكمة "سان
بربارا".
وقد
قامت السلطات الجزائرية بتصنيف قصر "مريم عزة" كواحد من المعالم التاريخية المحفوظة، وخصصت له
ميزانية معتبرة من أجل عمليات الترميم التي لم ظلت مستمرة إلى غاية العام 2015.
Commentaires
Enregistrer un commentaire